رؤية نقدية لشعر العرضة الجنوبية ( 2 ـ 2 ) .

تاريخ التسجيل : 13/07/2014

الجناس ما له وما عليه في القصيدة الجنوبية

القالب الفني الذي تنبثق منه جماليات القصيدة الجنوبية يُسمى الشقرالذي هو ( الجناس ) عند علماء البديع الذين أوسعوا هذا العلم بحثًا ، وتنقيبًا عما فيه من ألوان جميلة ، وفنيات تميل إليها النفس طربًا وانشراحًا .
وأنا أتناول هذا القالب الفني مرسلًا عليه إشعاعات فكرية منبثقة من تأملاتي الفكرية التي تحيط هذا القالب بدوائر من الأسئلة التأملية التي تحاصره حتى لا يفلت منها إلى جهة الحسن أو جهة القبح في القصيدة الجنوبية ، وبما إن الإبداع بصفة عامة يتشكل بمزايا فنية متعددة تجعل منه فنًا رائعًا لكن نجد ـ أحيانًا ـ إن هناك ميزة تبرز في هذا الفن فتجعله رائعًا بروعتها ، و( الشقر ) ميزة تطغي على المزايا الأخرى في قصيدة العرضة الجنوبية ، بل تكمن صعوبة القصيدة الجنوبية بهذه الميزة التي أنفردت بها ، فمحك السر الجمالي فيها ينبثق من عملية ( الجناس ) في الرد على قصيدة البدع دون طولة تفكير ، فهذا الفن يحتاج إلى بداهة ، وسرعة مجنونة في الرد على القصيدة بنفس ألفاظها الأخيرة من أبياتها مع تغيير معناها .
وهذا القالب الفني الذي تنصهر فيه كل الكلمات التي تقال في ميدان العرضة شديد الحساسية فما أنصهر فيه من إبداع نجد رائحته الزكية تفوح عطرًا عبر الأرجاء جمالًا وإدهاشًا .

أما الكلمات التي لا تمت بصلة إلى الفن الشعري فسيفضح هذا القالب ـ وبلا رحمة ـ تلك الكلمات التي ستنطوي خجلًا على نفسها .
وهل هذا ( الشقر ) يميل بكل حسناته في صالح القصيدة الجنوبية ؟
الجواب : لا .
فهناك سلبيات تحيط بالقصيدة الجنوبية بسبب هذا الشقر ، فهو يؤدي إلى عدم الترابط بين أجزائها أو ما يسمى بـ ( الوحدة العضوية ) للقصيدة فبدايتها تختلف اختلافًا عن نهايتها .
فالقصيدة الجنوبية تفتقد إلى هذه الوحدة العضوية ، وهذا يرجع إلى تركيز الشاعر على الإتيان بألفاظها الأخيرة مطابقة مع ألفاظ قصيدة ( البدع ) فينصب اهتمام الشاعر على ( الشقر ) دون النظر إلى ترابط أبيات القصيدة مما أفقدها الكثير من اللمسات الفنية التي كان يجب أن تتحلى بها لولا هذا التهلهل الذي أصاب كيانها .
وللجناس دوره الفعال في عدم احتفاظ القصيدة بالموضوع الذي تبدأ به ، فنجد أبياتها تتراقص بين موضوع وآخر ، ولا تتطرق بالكامل لموضوع بعينه وهذا أدى إلى تشويه القصيدة الجنوبية .
فهناك أغراض شعرية لا تتناسب رغم روعتها القصيدة الجنوبية بسبب ذلك الاتجاه الذي تسلكه ، فمن منا استمتع بقصيدة حول فن الوصف ؟
أين هي تلك القصيدة التي تتطرق إلى جمال الطبيعة ، وما أودعه الله فيها من مناظر خلابة ، وصور إبداعية متناسقة في هذا الكون العجيب ؟
إننا لا نجد مثل ذلك الوصف إلا النزر اليسير في بيت من أبياتها ، وهذا يرجع إلى اعتناء الشاعر بـ (الشقر ) دون غيره لاستحالة أن تأتي القصيدة كلها حول فن الوصف ويتحقق في الوقت نفسه رغبة الشاعر في ( الشقر ) .
إن ( الشقر ) يقتل القصيدة الجنوبية بخنجره رغم تغليفه لها بألوانه الزاهية .

محمد عبد الله قبحان
1435/10/25

تاريخ التسجيل : 11/07/2014

تحية اعجاب وتقدير لهذا القلم الرائع والنقد الجميل الذي يصب في مصلحة هذا الفن .. الكلمات والجمل تقف حائرة أمام روعة هذا الفكر وهذا النقد وجمال الاسلوب الكتابي ...

تقبل خالص ودي وتقديري.

تاريخ التسجيل : 13/07/2014

سملت يا أبا محمد .

سطورك هنا غصنٌ يانع ٌ من أغصان ربيع الذوق الفواح .

وقد ذكرتني أزهار حروفك ، وعبير كلماتك بقول الشاعر:

أتَاكَ الرّبيعُ الطّلقُ يَختالُ ضَاحِكاً ***** منَ الحُسنِ حتّى كادَ أنْ يَتَكَلّمَا

دمت في عناية الله .

» رؤية نقدية لشعر العرضة الجنوبية ( 1 ـ 2 ) .
» وفاة شاعر العرضة / عيضة بن طوير .

رؤية نقدية لشعر العرضة الجنوبية ( 2 ـ 2 ) .

رؤية نقدية لشعر العرضة الجنوبية ( 2 ـ 2 ) .

مواضيع مماثلة

مواضيع مماثلة